بعيدا عن الخرافات والأوهام.. المثلية الجنسية من منظور علمي
محمد سناجلة
وجدت المثلية الجنسية منذ وجدت الحيوانات على الأرض، وأقول الحيوانات لأن هذا التصرف السلوكي لا يقتصر على البشر فقط بل يتعداه إلى الحيوانات الأخرى حيث لاحظ العلماء ممارسات مثلية قصدها المتعة لا التكاثر لدى أصناف أخرى من المملكة الحيوانية مثل الشامبانزي والأسد والدولفين والفيل، كما لوحظ ذلك لدى بعض الطيور أيضًا؛ كالصقور والحمام والبطاريق.وقد وثق علماء الأحياء السلوك الجنسي المثلي في أكثر من 450 نوعًا من الكائنات الحية. (1)
والمثلية هي توجه الرغبة الجنسية لدى الكائن إلى من يماثله في الجنس؛ كرغبة الذكر في الذكر والأنثى في الأنثى، وهي تابعة للتوجه الجنسي للكائن (Sexual Orientation) المرتبط بشكل مباشر بالخريطة الدماغية لهذا الكائن.
ما هو التوجه الجنسي
يشير التوجه الجنسي إلى نمط دائم من الانجذاب العاطفي والرومانسي و / أو الجنسي للرجال أو النساء أو كلا الجنسين. ويشير أيضًا إلى إحساس الشخص بالهوية بناءً على عوامل الجذب هذه، والسلوكيات ذات الصلة المرتبطة ارتباطا واثقا بمفهوم الهوية الجنسية.
ويدخل ضمن هذا العضوية والانتماء إلى مجتمع جنسي مشابه يشترك في عوامل الجذب. وأظهرت الأبحاث على مدى عدة عقود أن التوجه الجنسي يتراوح على طول سلسلة متصلة، من الانجذاب الحصري إلى الجنس الآخر إلى الانجذاب الحصري إلى نفس الجنس. (2)
وعادة ما تتم مناقشة التوجه الجنسي ضمن ثلاث فئات:
-
الانجذاب للجنس المغاير (heterosexual):وجود انجذاب عاطفي أو رومانسي أو جنسي لأعضاء من الجنس الآخر أي الرجال نحو النساء والنساء نحو الرجال.
-
مثلي الجنس(homosexual):الانجذاب العاطفي أو الرومانسي أو الجنسي لأفراد من نفس الجنس.
-
ثنائي الميول الجنسية (bisexual): وجود عوامل جذب عاطفية أو رومانسية أو جنسية نحو كل من الرجال والنساء.
تم ملاحظة ووصف هذه المجموعة من السلوكيات الجنسية في مختلف الثقافات والأمم في جميع أنحاء العالم وعلى مر التاريخ. وتستخدم العديد من الثقافات تسميات الهوية لوصف الأشخاص الذين يعبرون عن عوامل الجذب هذه. ولكن التسميات الأكثر شيوعا هي السحاقيات للنساء المنجذبات للنساء، واللواطيون للرجال المنجذبون للرجال، وثنائي الجنس وهي للرجال والنساء الذين ينجذبون لكلا الجنسين.
ويختلف التوجه الجنسي عن المكونات الأخرى للجنس، بما في ذلك الجنس البيولوجي (الخصائص التشريحية والفسيولوجية والوراثية المرتبطة بكونك ذكرًا أو أنثى) ، والهوية الجنسية (الإحساس النفسي بكونك ذكرًا أو أنثى) ، * والجنس الاجتماعي (المعايير الثقافية التي تحدد السلوك الأنثوي والذكوري).
تتم مناقشة التوجه الجنسي بشكل شائع كما لو كان مجرد خاصية مميزة للفرد، مثل الجنس البيولوجي أو الهوية الجنسية أو العمر. وهذا المنظور غير مكتمل لأن التوجه الجنسي يتم تعريفه من خلال العلاقات مع الآخرين، إذ يعبر الناس عن ميولهم الجنسية من خلال طريقة سلوكهم مع الآخرين، بما في ذلك ممارسة أفعال بسيطة مثل مسك الأيدي أو اللمس أو التقبيل. وبالتالي، يرتبط التوجه الجنسي ارتباطًا وثيقًا بالعلاقات الشخصية الحميمة التي تلبي الاحتياجات العميقة للحب والتعلق والألفة. وبالإضافة إلى الجنس، تشمل هذه الروابط العاطفة الجسدية غير الجنسية بين الشركاء، والأهداف والقيم المشتركة، والدعم المتبادل، والالتزام المستمر.
كيف يعرف الناس ما إذا كانوا مثليين أو ثنائيي الجنس؟
وفقًا للفهم العلمي والمهني الحالي ، تظهر عوامل الجذب الأساسية التي تشكل أساس التوجه الجنسي للبالغين عادةً بين الطفولة المتوسطة والمراهقة المبكرة. وقد تنشأ هذه الأنماط من الانجذاب العاطفي والرومانسي دون أي تجربة جنسية سابقة. يمكن للناس أن يعرفوا -حتى دون ارتباط أو علاقات جنسية- ميولهم الجنسية سواء أكانوا مثليين أو ثنائيي الجنس أو طبيعيين يحبون الجنس الآخر.
ما الذي يجعل الشخص لديه توجه جنسي معين؟
لا يوجد إجماع بين العلماء حول الأسباب الدقيقة التي تجعل الفرد يطور توجهًا مغايرا للجنس أو ثنائي الميول الجنسية أو أن يكون مثلياً. وعلى الرغم من أن الكثير من الأبحاث قد فحصت التأثيرات الجينية والهرمونية والتنموية والاجتماعية والثقافية المحتملة على التوجه الجنسي، ولكن لم تظهر أي نتائج تسمح للعلماء باستنتاج أن التوجه الجنسي يتم تحديده بواسطة أي عامل أو عوامل معينة. ويعتقد الكثيرون أن الطبيعة والتنشئة يلعبان أدوارًا معقدة؛ ويعاني معظم الناس من إحساس ضئيل أو معدوم بالاختيار فيما يتعلق بميولهم الجنسية.
هل المثلية الجنسية مرض أو اضطراب عقلي؟
الإجابة العلمية هي لا، التوجهات السحاقية واللوطية ومزدوجي الميول الجنسية ليست اضطرابات. لم تجد الأبحاث العلمية العديدة أي ارتباط متأصل بين أي من هذه الميول الجنسية وعلم النفس المرضي.
ويعتبر كل من السلوك الجنسي المغاير والسلوك الجنسي المثلي من الجوانب الطبيعية للبشر حيث تم توثيق كلاهما في العديد من الثقافات والعصور التاريخية المختلفة. وعلى الرغم من استمرار الصور النمطية التي تصور الأشخاص المثليين ومزدوجي الميول الجنسية على أنهم مختلون ، فإن عدة عقود من البحث والخبرة السريرية قادت جميع منظمات الصحة الطبية واعقلية والنفسية إلى استنتاج أن هذه التوجهات تمثل أشكالًا طبيعية للتجربة الإنسانية.
وتعد العلاقات السحاقية والمثلية وثنائيي الجنس أشكالًا طبيعية للترابط البشري. لذلك، تخلت هذه المنظمات منذ فترة طويلة عن تصنيف المثلية الجنسية على أنها اضطراب عقلي.
هل هناك من علاج لتغيير التوجه الجنسي للمثليين؟
أعربت جميع منظمات الصحة النفسية الوطنية الرئيسية في أميركا رسميًا عن مخاوفها بشأن العلاجات التي يتم الترويج لها لتعديل التوجه الجنسي. وحتى الآن ، لم يكن هناك بحث علمي كافٍ لإثبات أن العلاج الذي يهدف إلى تغيير التوجه الجنسي (يُسمى أحيانًا العلاج التعويضي أو التحويلي) آمن أو فعال.
المصدر
https://us.macmillan.com/books/9780312253776
https://www.apa.org/topics/lgbtq/orientation#:~:text=No%2C%20lesbian%2C%20gay%2C%20and,normal%20aspects%20of%20human%20sexuality.