بلغني أيها الملك العنيد ذو القلب الحديد الذي لقلبي لا تستجيب وتمتطي صهوة الجفاء ، تغازل الأزهار في كل مكان وتعلن لأزهاري العصيان ! بلغني أن نهر الأحلام أصبح حزيناً ، داهم مياهه الخريف فأصبحت أسماكه على الضفاف تترنح ينبض ببطئ قلبها ، تنتظر لحظة فنائها ، أتعرف من عكـَّر صفوَ النهر بالحزن ؟
في ليلة تمطـّى الشتاء ، نجمة في رداء بنفسجة ، مازالت براعم الحب بقلبها تنتظر من يروي جذورها ، لمحها فارس على صهوة العشق مسافر، كالنحل يعشق الرحيق ، والعشق يمتهن ، بنظرته الثاقبة ، رأى كل النساء في عينيها ، أجمل الزهور على خديها ، فأصبح يهفو للرحيق بين شفتيها ، للعالم الساحر خلف حصونها ، تدثر بالشعر ، أمسك بعصاه السحرية ، جمع مئات الأحرف القمرية ، ورسائل العشق الشمسية ، صار يقلب صفحات الليل يبحث عن أجمل أغنية ، بخيوط النهار يغزلها ليهديها لتلك النجمة البنفسجية ، صار عاشقاً متيماً يشتاق لألحان خطواتها ، لرفرفة وشاحها حين يداعبه النسيم ، رحل إلى حيث تكون ، عانق السحاب ، ليلتقط قبلة من أطراف أناملها ، رشفة نبيذ ، قطرة ندى من ثغرها ،على ضفاف النهر جلس ، ينتظر عودتها ، تتأجج بين ضلوعه نار الشوق ، فظل يهذي مع النهر ويشتكى غرامه حتي أوهمته عيناه أنها بأحضان النهر نائمة ، فأسرع ينزع عن جسده ثوب الحياة....
ليلقي بنفسه بين أحضان محبوبته ،
فأصبح النهر حزيناً يضم بأحضانه ... عاشقاً دون معشوقته
وهنا صاح الديك ليعلن بدء مولد يوم جديد فعذراً مولايً العنيد حان موعد الرحيل وعندما يفر النهار كن بالانتظار فسوف آتِ إليك حاملة أجمل الثمار من جنان العشاق وكأساً من نبيذ شرقي ممزوجاً برحيق الأزهار
** منى غنيم **