في ظل العصر الذي نعيش فيه اليوم؛ عصر السموات المفتوحة، والفضاءات الافتراضية، طلّ علينا إبداع فني لم يكن موجودا من قبل، وهو المتعلق بالأدب الافتراضي أو الأدب الرقمي أو الأدب التفاعلي أو الأدب المعلوماتي، أيّا كان المسمى، فالإحالة واحدة إلى فضاء الحاسوب المتصل بالإنترنت واستثماره إبداعيا.
ولم يكن أمام النقد إلا مواكبة هذا الوليد الجديد؛ ليأتي كتاب: " سيميائيات المحكي المترابط( سردية الهندسة الترابطية نحو نظرية رقمية)، لمؤلفه الناقد الجزائري فهيم شيباني عبد القادر ( الصادر عن دار عالم الكتب الحديث الأردن ،ط أولى2014م) في محاولة لمحاورة هذا الوليد في خصوصيته الحكائية، لاسيما عندما قال بمصطلح المحكي المترابط، في صورة قراءة جديدة اعتمدت على الرؤية العلاماتية أو السيميائية ، وأيضا محاولا :الإجابة عن 
كيف يؤسس النص الرقمي نصوصيته؟
ما هي إمكانات البلاغة السردية للرابط؟ 
وما هي معالمه الجمالية المادية، ضمن ما يسمى بالمحكي المترابط؟
وفي محاولة للإجابة عن مثل هذه التساؤلات جاءت محاور الكتاب في الآتي:
أولا: السيميائيات السردية بين النصية والأدبية.
ثانيا:النص والنص المترابط: سيميائيات الدعامة الرقمية
ثالثا: المحكي المترابط وبلاغة الرابط
رابعا: الهندسة السردية في المحكي المترابط
خامسا: سيميائيات المحكي المترابط: مقاربة في نص شات لمحمد سناجلة.
وقد حاول المؤلف من خلال هذه المحاور وضع تصوره حول النص الجديد، متخذا الرؤية الشعرية ، التي تبحث في آليات اشتغال النصوص، أو بمعنى أدق : "ما الذي يجعل من نص ما نصا أدبيا"
كما يلاحظ أن المؤلف قد اعتمد على التلقي، مؤكدا دوره في الكشف عن جماليات المحكي، حتى أن نظرته إلى الواقع الافتراضي كانت نظرة إبداعية، معتمدة على آراء موراي راين في حديثه عن التجربة الانغماسية التفاعلية للوسيط والنص.لاسيما في كتابة ( Narrative as Virtual Reality )
وبهذا يكون المؤلف قد حقق ما يمكن تسميته بالتفاعلية القرائية في مقابل التفاعلية الإنتاجية على مستوى النص.
كل هذا وغيره لا يُخفى أن هناك جزئيات تميزت بسمتها الإطنابية، ولغتها التقنية التي تحتاج إلى وعي وتركيز عند قراءتها خاصة في الحديث عن هندسه الرابط ووظائفه.
كما أن الكتاب لم يحدد موقفه من تجنيس نص " شات " تحديدا، هل هو واقعية رقمية كما أرادها سناجلة، أم أنها بشكل عام رواية تفاعلية ، أو محكي تفاعلي؟ ، وما هي آليات التفاعل في هذا النص هل هي قرائية أم إنتاجية بنائية؟، وإن كنا قد فهمنا أن المؤلف قد تعامل مع الرواية على أنها محكي تفاعلي، لا سيما في التركيز على الأيقونات التي تشكلت منها الرواية، لكنه في الوقت نفسه لم يغفل موضوعها.
وبناء على ما سبق يبقى السؤال مفتوحا: هل ما قدمه المؤلف في كتابه يُشكل نظرية رقمية كما نص على ذلك في عنوان الكتاب الفرعي؟.
في الأخير : يعد هذا الكتاب طرحا متميزا، لما يثيره من تساؤلات ورؤى ، فهو إضافة على مستوى النقد الرقمي، لاسيما في تأكيد المؤلف القائل فيه:
" يسعى المحكي التفاعلي إلى مساءلة مفهوم الأدبية، وذلك عبر زحزحة مبادئ الجمالية الأدبية، والانتقال من جمالية اللسان إلى جمالية المادة النصية. وبناء على هذا التحول، يمكن للمحكي التفاعلي، أن يعيد مساءلة النقد، عبر تحويل مجال اشتغاله من نقد النص نحو نقد دعامة النص" ص137.